ثالث
الحرمين:
جمعتْ بين الأماكن المقدسة في
الإسلام (المسجد الحرام والمسجد
النبوي والمسجد الأقصى) أخوّةٌ عميقة
بعمق إخلاص الأنبياء الذين عاشوا
فيها، وعبدوا الله عليها، وجاهدوا
حولها..
والمسجد الأقصى في القدس هو ثاني
الحرمين من الناحية التاريخية، فقد
بُني بعد المسجد الحرام في مكة
بأربعين سنة، في حين بُني المسجد
النبوي في المدينة المنورة بعدهما
بزمن طويل ـ في السنة الأولى لهجرة
خاتم الأنبياء ـ صلى الله عليه وسلم.
ومن ناحية الفضل ـ الذي يمنحه الله
لما يشاء ولمن يشاء من خلقه ـ يأتي
المسجد الأقصى في المنزلة الثالثة
بين مساجد الدنيا كلها، بعد حرمي مكة
والمدينة.. وحرمُ مكة بناه أبو
الموحِّدين إبراهيم، وبنَى
الموحِّدون من ذريته حرمي المدينة
والقدس، فجاء حرم الأب سابقا في
الفضل حرم الأبناء؛ لأنه جزء من دين
خاتم الأنبياء كما كان جزءا من دين
أبي الأنبياء، كما يمثل القبلة
والوجهة الثابتة التي ارتضاها الله
لعباده مع استقرار الوحي وختمه بآخر
رسالات السماء..
وإذا كان حرما مكة والمدينة قد
عطّرهما الوحي المنزَّل على إبراهيم
ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ فإن
حرم بيت المقدس قد عاين بركة الوحي
ينزل على داود وسليمان وزكريا ويحيى
وعيسى وغيرهم من الأنبياء ـ عليهم
الصلاة والسلام ـ لذلك صحب المسجد
الأقصى المبارك مسجدي مكة والمدينة
في رحلة السبق والفضل، فالصلاة في
المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما
سواه، والصلاة في المسجد النبوي بألف
صلاة فيما سواه، والصلاة في المسجد
الأقصى بخمسمائة صلاة فيما سواه،
وتتساوى كل بقاع الدنيا بعد هذه
الثلاثة.