أحكام
المسجد الأقصى وآداب زيارته:
يَعتقد المسلمون أن البقعة التي
يَحِلُّ فيها الإسلامُ حاكما ودينا
لأهلها ـ تصيرُ ملكا لهذا الدين
وأصحابه، وتصبح لها قداسة تشبه قداسة
العِرض، واحترامٌ يكاد يشبه احترام
الدين. ويزداد الأمر عند أهل الإسلام
أهمية إذا كانت هذه البقعة مرتبطة
بشعائر الدين، كالمساجد، وتتضاعف
المنزلةُ أضعافا كثيرة إذا كانت
البقعة هي المسجد الأقصى الذي باركه
الله ـ تعالى ـ وبارك ما حوله، فهنالك
تصبح الحماية والحفظ والصيانة
والرعاية واجبًا على الأمة والأفراد.
يمثل المسجد الأقصى القبلة الأولى
للإسلام، التي كانت صلاة المسلم لا
تصح إلا باستقبالها، حتى حُوِّلت
القبلة إلى المسجد الحرام، فما كان
التحويل تقليلا من شأن المسجد الأقصى
الذي بناه (إبراهيم) أو حفيده يعقوبُ
بنُ إسحاقَ ـ عليهم السلام ـ وإنما
كان عودةً إلى الأصلِ الأصيلِ
والبيتِ الحرامِ الذي بناه أيضا أبو
الأنبياء وخليلُ الرحمن إبراهيمُ ـ
عليه السلام ـ ومَن احترم الأصل
وأجلّه، فقد احترم الفرع التابع له،
وأعْلَى من شأنه.
وإذا كانت المساجد كلُّها لله، فإن
ثلاثة منها تبوّأتْ منزلة خاصة، وهي:
المسجد الحرام والمسجد النبوي
والمسجد الأقصى، فيجوز للمسلم أن
يخرج من بيته: منفقا من ماله، مغتربا
عن أهله، ليزور هذه المساجد ـ دون
غيرها ـ معظِّما لها ومُقدِّسا.
والصلاة في المسجد الأقصى المبارك
بخمسمائة صلاة فيما سواه، عدا المسجد
الحرام والمسجد النبوي، كما أنبأتْ
بذلك السنةُ النبوية.
كما جاء في الحديث قولُ رسولِ اللهِ ـ
صلى الله عليه وسلم: "من أَهَلَّ
بعمرة من بيت المقدس غُفر له". وقد
استجابت جموعٌ من الصحابة والتابعين
والعلماء والأمراء لهذا النداء
المبارك، فأهَلُّوا بالحج والعمرة
من بيت المقدس، فبقيت القدس مقصدا
ووجهة لكثير من أهل الصلاح والعلم.
والقدسُ والشام هي أرض المحشر يوم
القيامة، كما أن المسيح الدجال
سيُمنَع من دخول القدس والمسجد
المسجد الأقصى.
ويستحب لزائر القدس أن يصلي في
مسجدها، وأن يختم القرآن هناك إن
استطاع، ويهل بعمرة أو حجة، ويتجنب
الوقوع في المخالفات الشرعية
والمعاصي.